الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
<تنبيه> قال بعضهم أخذ من هذا الخبر وما قبله أن ملازمة الرجل الشر والفحش حتى يخشاه الناس اتقاء لشره من الكبائر. - (ق د) ثلاثتهم في الأدب (ت) في البر كلهم (عن عائشة) رضي اللّه عنها قالت استأذن رجل أي وهو عيينة بن حصن على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلما رآه قال بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة فلما جلس [ص 455] انبسط له فلما انطلق سألته عائشة فذكره. 2285 - (إن شهاباً اسم شيطان) يحتمل إبليس ويحتمل غيره أي فلا ينبغي التسمي به قال ابن القيم: فيكره التسمي بأسماء الشياطين لذلك وسيجيء لها مزيد تقرير فيما بعد إن شاء اللّه تعالى والشهاب كما في الصحاح وغيره شعبة من النار ساطعة فهو اسم مناسب لمسماه- ونهى عن التسمي بالحباب وقال إنه اسم شيطان فيكره التسمي بأسماء الشياطين وفي ابن أبي شيبة عن مجاهد عطس رجل عند ابن عمر فقال أشهب قال له أشهب شيطان وضعه إبليس بين العطسة والحمدلة. - (هب عن عائشة) رضي اللّه عنها قالت سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلاً يقال له شهاب قال بلى أنت هشام ثم ذكره. 2286 - (إن شهداء البحر) أي من مات بسبب قتال الكفار فيه (أفضل عند اللّه من شهداء البر) أي أكثر ثواباً وأرفع درجة عنده منهم لأن راكب البحر يتعرض للّهلاك من وجهين قتال الكفار والغرق فهو على النفس أشق ولم يكن العرب تألفه بل ولا تعرفه فحثهم عليه وبين لهم أفضليته على ما ألفوه لما فيه من المشقة وبما تقرر علم أنه ليس المراد بشهيد البحر الغريق لأن شهيد المعركة أفضل اتفاقاً واحتج به من فضل غزو البحر على البر قال ابن عبد البر: ولا تقوم به حجة لضعفه قال الراغب: والبحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير اهـ وفي الكشاف ما محصوله أنه حيث أطلق إنما يراد به المالح اهـ لكن الظاهر أن المراد في الحديث ما يشمل الأنهار العظام كالنيل. - (طب عن سعيد بن جنادة) بضم الجيم وتخفيف النون قال الهيثمي وفيه من لم أعرفهم. 2287 - (إن شهر رمضان معلق بين السماء والأرض) أي صومه كما في الفردوس (لا يرفع إلى اللّه تعالى رفع قبول إلا) مصحوباً (بزكاة الفطر) أي بإخراجها فقبوله والإثابة عليه متوقفة على إخراجها على ما اقتضاه ظاهر اللفظ ويحتمل أن المراد لا يرفع رفعاً تاماً مرضياً بل بعضاً منه ويثاب عليه ثواباً لا يبلغ ثواب من أدى زكاة الفطر بل يكون دونه في الجزالة. - (ابن صصري) قاضي القضاة (في أماليه) الحديثية (عن جرير) قضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه الديلمي باللفظ المزبور عن جرير المذكور وفيه ضعف. 2288 - (إن صاحب السلطان) أي ذا السلطان وهو الوالي والمراد المصاحب له المدخل في الأمور (على باب عنت) أي واقف على باب خط شاق يؤدي إلى الهلاك قال في الصحاح: العنت الوقوع في أمر شاق وذلك لأن صحبته تحوج إلى مراعاته ومراءاته ومداهنته والثناء عليه بما هو مرتكبه (إلا من عصم اللّه) أي حفظه ووقاه فمن أراد السلامة لدينه فليتجنب الأمراء أو فليتجنب قربهم ويفر منهم كما يفر من الأسد- ومن ثم قيل مخالط السلطان ملاعب الثعبان- لكن لا ينبغي احتقار السلطان ولو ظالماً فاسقاً قال عمرو بن العاص إمام غشوم خير من فتنة تدوم وقال سهل رضي اللّه عنه من أنكر إمامة السلطان فهو زنديق من دعاه يجبه فهو مبتدع ومن أتاه من غير دعوة فهو جاهل يريد الباطل. - (البارودي) بفتح الموحدة وسكون الراء وآخره دال مهملة نسبة إلى بلدة بخراسان يقال لها أيبورد كما مر (عن حميد) هو في الصحابة كثير فكان ينبغي تمييزه. [ص 456] 2289 - (إن صاحب الدين) بفتح الدال (له سلطان) أي سلاطة ونفاذ حكم على صاحبه) أي المديون الموسر من السفر. - (د عن ابن عباس) رضي اللّه عنهما قال: جاء رجل يطلب نبي اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم بدين أو بحق فتكلم بعض الكلام فهم أصحابه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: مه ثم ذكره. 2290 - (إن صاحب المكس في النار) يعني العاشر الذي يأخذ المكس من قبل السلطان يكون يوم القيامة في نار جهنم أي مخلداً فيها إن استحله لأنه كافر وإلا فيعذب فيها مع عصاة المؤمنين ما شاء اللّه ثم يخرج ويدخل الجنة وقد يعفى عنه ابتداء. - (حم طب) من حديث أبي الخير عن رويفع بالفاء (بن ثابت) ابن السكن بن عدي ابن حارثة الأنصاري المدني صحابي سكن مصر وولى أمرة برقة قال أبو الخير عرض مسلمة بن مخلد وكان أميراً على مصر على رويفع أن يوليه العشور فقال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي وفيه ابن لهيعة والكلام فيه معروف. 2291 - (إن صاحب الشمال) وهو كاتب السيئات (ليرفع القلم) ست ساعات يحتمل أن المراد الفلكية ويحتمل غيرها (عن العبد المسلم المخطىء) فلا يكتب عليه الخطيئة قبل مضيها بل يمهله (فإن ندم) على فعله المعصية واستغفر اللّه منها أي طلب منه أن يغفرها وتاب توبة صحيحة (ألقاها) أي طرحها فلم يكتبها (وإلا) أي وإن لم يندم ويستغفر (كتبت) بالبناء للمفعول يعني كتبها كاتب الشمال (واحدة) أي خطيئة واحدة بخلاف الحسنة فإنها تكتب عشراً {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} وهذه إحدى روايات الطبراني ولفظ الرواية الأخرى ستجيء في حرف الصاد وفي أثر نقله الغزالي ما من عبد يعصي إلا استأذن مكانه من الأرض أن يخسف به وسقفه من السماء أن يسقط عليه كسفاً فيقول لهما اللّه كفا عنه وأمهلاه فإنكما لم تخلقاه ولو خلقتماه لرحمتماه فأغفر له لعله يعمل صالحاً فأبدله حسنات فذلك معنى قوله تعالى {إن اللّه يمسك السماوات والأرض أن تزولا}. - (طب عن أبي أمامة) قاله الهيثمي رواه الطبراني بأسانيد أحدها رجاله وثقوا. 2292 - (إن صاحبي الصور) هما الملكان الموكلان به قال ابن حجر: اشتهر أن صاحب الصور إسرافيل عليه الصلاة والسلام ونقل الحلبي فيه الإجماع فلعله ميز على الآخر فلذلك أفرد بالذكر فتلك لرواية وإن كانا إثنين (بأيديهما قرنان) تثنية قرن بالتحريك ما ينفخ فيه والمراد بيد كل واحد منهما قرن (يلاحظان النظر متى يؤمران) بالنفخ فيهما من قبل اللّه تعالى أي هما متوقعان بروز الأمر بالنفخ في كل وقت متأهبان مستعدان لذلك- أي لعلمهما بقرب الساعة قال الشيخ بعد كلام وفي أبي الشيخ عن وهب خلق اللّه الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة وفي أبي داود والترمذي وحسنه والنسائي وغيرهم أن أعربياً سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الصور فقال قرن ينفخ فيه ولفظ الطبرني كيف أنتم وصاحب الصور قد التقمه ينتظر متى يؤمر وفي رواية قد التقم القرن إلخ ثم قال للعرش خذ الصور فأخذه وفيه ثقب بعدد روح كل مخلوق ونفس منفوسة لا تخرج روحان من ثقب واحد وفي وسطه لؤلؤة كاستدارة السماء والأرض وإسرافيل واضع فمه على تلك الؤلؤة. واللحاظ النظر بمؤخر العين. - (ه عن أبي سعيد) الخدري وفيه عباد بن عوام قال في الكاشف قال أحمد حديثه عن ابن أبي عروبة مضطرب. 2293 - (إن صدقة السر تطفىء غضب الرب) فهي أفضل من صدقة العلن {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} وفائدة [ص 457] الإخفاء الخلوص من آفة الرياء والسمعة وقد بالغ في قصد الإخفاء جمع حتى اجنهد أن لا يعرف القابض من المعطي توسلاً إلى إطفاء غضب الرب (وإن صلة الرحم) أي الإحسان إلى القرابة (تزيد من العمر) أي هي سبب لزيادة البركة فيه (وإن صانع المعروف) جمع صنيعة وهي كما في المصباح وغيره ما اصطنعته من خير (تقي مصارع السوء) أن تحفظ منها (وإن قول لا إله إلا اللّه تدفع عن قائلها) أي قائل كلمة الشهادة وكان القياس قائله لأن الضمير فيه للقول لكن أنثه باعتبار الشهادة أو الكلمة (تسعة وتسعين) بتقديم التاء على السين فيهما (باباً) يعني نوعاً (من البلاء) أي الإمتحان والإفتتان (أدناها) أي أقل تلك الأنواع (الهم) فالمداومة عليها تزيل الهم والغم وتملأ القلب سروراً وانشراحاً وفرحاً وانبساطاً والظاهر أن المراد بالتسعة وتسعين التكثير لا التحديد على منوال ما مر غير مرة. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) ورواه الطبراني في الأوسط عن معاوية بن حيدة بسند ضعيف. 2294 - (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته) بضم الخاء طول صلاته بالنسبة إلى قصر خطبته فليس المراد طولها في نفسها بحيث يشق على المقتدين فلا تعارض بينه وبين الأخبار الآمرة بالتخفيف (مئنة) بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة مفعلة بنيت من إن المكسورة المشددة فإنها لشدة مشابهتها الفعل لفظاً ومعنى أجريت مجراه في بناء الكلمة منها ومن أغرب ما قيل فيها إن الهمزة بدل من ظاء المظنة وميمها في ذلك كلمة زائدة وقيل أصلية (من فقهه) أي علامة يتحقق فيها فقهه وحقيقتها مكان لقول القائل إنه فقيه (فأطيلوا) أيها الأمة (الصلاة) أي صلاة الجمعة (وأقصروا الخطبة) ندباً لأن الصلاة أصل مقصود بالذات والخطبة فرع عليها وتوطئة ومقدمة لها ومن القضايا الفقهية إيثار الأصل على الفرع بالزيادة والفضل (وإن من البيان لسحراً) أي منه ما يصرف قلوب السامعين إلى قبول ما يستمعون وإن كان غير حق هذا ذم لتزيين الكلام وتعبيره بعبارة يتحير فيها السامعون كما يتحيرون بالسحر وكما يكتسب الإثم بالسحر يكتسب بعض البيان والمراد بطول صلاة الجمعة أنها أطول من خطبتها وإلا فهي قصيرة كخطبتها لخبر مسلم كانت صلاته قصداً وخطبته قصداً أي بين الطول الظاهر والتخفيف الماحق وقصد كل شيء تحسينه وقصر الخطبة مندوب وأوجبه الظاهرية قال ابن حزم شاهدت خطيب قرية أطال الخطبة فأخبرني بعض الوجوه أنه بال في ثيابه إذ لم يمكنه الخروج من المقصورة.[وحيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث 5010: صل بصلاة أضعف القوم... فالسنة التقصير في الصلاة كذلك غير أن الخطبة تكون أقصر من الصلاة كما ورد هنا. وقد أخطأ من أطال الخطبة طارحا لنص السنة الصريح وعاملا برأيه، وقد زاد في الخطأ من جعل مترجما إلى اللغة الأجنبية في بلاد المهجر، فضاعف ذلك في طولها بالإضافة إلى تعداد الخطباء الذي يفسد الخطبة عند بعض المجتهدين. ومن المدهش أنه عندما روجع أولئك أجابوا أنه للضرورة!؟ وما ذلك إلا جهل بليغ، إذ أن السنة في تقصير الصلاة والخطبة هي أصلا بسبب الضرورة ولرفع الحرج، كما علله صلى الله عليه وسلم في الحديث 490: إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير، والكبير، والضعيف، والمريض، وذا الحاجة. وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء. متفق عليه. وورد مثله في الحديث الصحيح 3244. وليس بعد كلام رسول الله كلام. وقد وجد أن مثل تلك الجمع لا تنتهي مع صلاتها إلا قبيل أذان العصر بدقائق، مما يزيد في المخالفة. فهلا وسعتنا السنة، فقصرنا الخطبة وعينا خطيبا واحدا يجيد اللغتين؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون. دار الحديث] - (حم م) في الجمعة من حديث أبي وائل (عن عمار بن ياسر) قال أبو وائل خطبنا عمار فأوجز وأبلغ فقلنا يا أبا اليقظان أوجزت وأبلغت قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول وساقه ولم يخرج البخاري إلا قوله إن من البيان لسحراً. 2295 - (إن عامة عذاب القبر) يعني معظمه وأكثره (من البول) أي من التقصير في التحرز عنه لأن التطهير منه مقدمة [ص 458] للصلاة التي هي أفضل الأعمال البدنية وأول ما يخاطب به في الدنيا بعد الإيمان وأول ما يحاسب عليه يوم القيامة والقبر أول درجات الآخرة وهو مقدمة لها فناسب أن يعد في مقدمة الآخرة على مقدمة الصلاة التي هي أول ما يحاسب عليه في الآخرة (فتنزهوا) تحرزوا أن يصيبكم وتنظفوا (منه) ما استطعتم بحيث لا تنتهوا إلى الوسواس المذموم- فالاستبراء عقب البول مندوب وقيل واجب والقول بالوجوب محمول على ما إذا غلب على ظنه بقاء شيء- ومما شدد على الأمم السابقة أنه كان على أحدهم إذا أصاب البول بدنه أن بقرضه بمقراض والتنزه التباعد عن الشيء ومنه فلان يتنزه عن الأقذار أي يباعد نفسه منها قال الزمخشري: ومن المجاز رجل نزه ونزيه عن الريب وهو يتنزه عن المطامع. - (ابن حميد والبزار) في مسنده (طب) وكلهم (عن ابن عباس) وفي الباب غيره أيضاً قال الولي العراقي: وفي إسناده ضعف لكن يقويه ما رواه ابن أبي شيبة من رواية حسرة حدثتني عائشة رضي اللّه عنها قالت: دخلت على امرأة من اليهود فقالت إن عذاب القبر من البول قلت كذبت قالت بلى أنه يقرض منه الجلد والثوب فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا ما هذا فأخبرته فقال صدقت. 2296 - (إن عدد درج الجنة عدد آي القرآن) جمع آية (فمن دخل الجنة ممن قرأ القرآن) أي جميعه (لم يكن فوقه أحد) وفي رواية يقال له اقرأ وارق فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها أي عند حفظك أو آخر تلاوتك لمحفوظك وهذا صريح في أن درج الجنة تزيد على مئة درجة وأما خبر الجنة مئة درجة فيحتمل كون المئة من جملة الدرج وكونها نهاية هذه المئة وفي ضمن كل درجة درج دونها قالوا وهذه القراءة كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم عن لذاتهم بل هي كالمستلذ الأعظم ودون ذلك كل مستلذ. - (ابن مردويه) في تفسيره (عن عائشة) رضي اللّه عنها. 2297 - (إن عدة الخلفاء) أي خلفائي الذين يقومون (من بعدي) بأمور الأمة (عدة نقباء بني إسرائيل) أي اثني عشر قال عياض: لعل المراد باثني عشر في هذا الخبر وما أشبهه أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة وقد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية ووقعت الفتن بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوهم قال الحافظ ابن حجر: هذا أحسن ما قيل هنا وأرجحه لتأييده بقوله في بعض طرقه الصحيحة كلهم يجتمع عليه الناس والمراد باجتماعهم انقيادهم لبيعته والذين اجتمعوا عليه الخلفاء الثلاثة ثم علي إلى أن وقع أمر الحكمين بصفين فتسمى معاوية من يومئذ بالخلافة ثم اجتمعوا عليه عند صلح الحسن ثم علي ولده بزيد ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قيل ذلك ثم لما مات يزيد اختلفوا إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بعد قتل ابن الزبير ثم أولاده الأربعة الوليد فسليمان فيزيد فهشام وتخلل بين سليمان ويزيد ابن عبد العزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين والثاني عشر الوليد بن يزيد اجتمعوا عليه بعد هشام ثم قاموا عليه فقتلوه فتغير الحال من يومئذ ولم يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك لوقوع الفتن بين من بقي من بني أمية ولخروج المغرب عن العباسيين بتغلب المروانيين على الأندلس إلى أن تسموا بالخلافة وانقرض الأمر إلى أن لم يبق من الخلافة إلا مجرد الاسم بعد فإنه كان يخطب لعبد الملك في جميع الأقطار شرقاً وغرباً يميناً وشمالاً مما غلب عليه المسلمون وقيل المراد وجود اثني عشر [ص 459] خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحق وإن لم يتوالوا ويؤيده قوله في رواية كلهم يعمل بالهدى ودين الحق وعليه فالمراد بالإثني عشر الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز وضم بعضهم إليهم المهتدي العباسي لأنه منهم كعمر بن عبد العزيز في الأمويين والظاهر العباسي لما أوتي من العدل ويبقى الإثنان المنتظران أحدهما المهدي وحمل بعضهم الحديث على من يأتي بعد المهدي لرواية ثم يلي الأمر بعده اثني عشر رجلاً- وحمله الشيعة والإمامية على الإثني عشر إماماً علي ثم ابنه الحسن ثم أخوه الحسين ثم ابنه زين العابدين ثم ابنه محمد الباقر ثم ابنه جعفر الصادق ثم ابنه موسى الكاظم ثم ابنه علي الرضى ثم ابنه محمد التقي ثم ابنه على النقي بالنون ثم ابنه حسن العسكري ثم ابنه محمد القائم المنتظر المهدي وأنه اختفى من أعدائه وسيظهر فيملأ الدنيا قسطاً كما ملئت جوراً وأنه عندهم لا امتناع من طول حياته كعيسى والخضر وهذا كلام متهافت ساقط- ستة من ولد الحسن وخمسة من ولد الحسين وآخر من غيرهم لكن هذه الرواية ضعيفة جداً وما ذكر من أن لفظ الحديث بني إسرائيل هو ما في نسخ لا يحصى فتبعتهم ثم رأيت نسخة المصنف التي بخطه موسى بدل بني إسرائيل. - (عد وابن عساكر) في التاريخ (عن ابن مسعود) عبد اللّه قال سألنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تملك هذه الأمة من خليفة فذكره. 2298 - (إن أعظم الجزاء) أي كثرته (مع عظم البلاء) بكسر المهملة وفتح الظاء فيهما ويجوز ضمها مع سكون الظاء فمن بلاؤه أعظم فجزاؤه أعظم (وإن اللّه تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم) أي اختبرهم بالمحن والرزايا وهو أعلم بحالهم قال لقمان لابنه يا بني الذهب والفضة يختبران بالنار والمؤمن يختبر بالبلاء (فمن رضي) قضاء بما ابتلى به (فله الرضى) من اللّه تعالى وجزيل الثواب (ومن سخط) أي كره قضاء ربه ولم يرضه (فله السخط- والمقصود الحث على الصبر على البلاء بعد وقوعه لا الترغيب في طلبه للنهي عنه-) منه تعالى وأليم العذاب {ومن يعمل سوءاً يجز به} وقوله ومن رضي فله الرضى شرط وجزاءاً فهم منه أن رضى اللّه تعالى مسبوق برضى العبد ومحال أن يرضى العبد عن اللّه إلا بعد رضى اللّه عنه كما قال {رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} ومحال أن يحصل رضى اللّه ولا يحصل رضى العبد في الآخرة فعن اللّه الرضى أزلاً وأبداً وفيه جنوح إلى كراهة اختيار الصحة على البلاء والعافية على السقم ولا ينافيه ما مر ويجيء من الأمر بسؤال العافية وأنها أفضل الدعاء لأنه إنما كرهه لأجل الجرائم واقتراف العظائم كيلا يلقوا ربهم غير مطهرين من دنس الذنوب فالأصلح لمن كثرت خطاياه السكوت والرضى ليخف والتطهير بقدر التمحيص والأجر بقدر الصبر ذكره ابن جرير. - (ت) في الزهد (ه) في الفتن كلاهما من حديث سعد بن سنان (عن أنس) وقال الترمذي حسن غريب قال في المنار ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن سعد بن سنان قال البخاري فيه نظر ووهنه أحمد اهـ وقال الذهبي سعد هذا ليس بحجة. 2299 - (إن علماً) مما شأنه الانتفاع به (لا ينتفع به) بالبناء للمفعول أي لا ينتفع به الناس أو لا ينتفع به صاحبه (ككنز لا ينفق منه في سبيل اللّه) في كون كل منهما وبالاً على صاحبه لأن غير النافع حجة على صاحبه ولهذا استعاذ منه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في غير ما حديث قال الزمخشري: ومن المجاز معه كنز من كنوز العلم قال زهير ومن يستبح كنزاً من العلم يعظم ويقولون هذا كتاب مكتنز بالفوائد. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي هريرة) وفي الباب غيره أيضاً. [ص 460] 2300 - (إن عمار) كزوار (بيوت اللّه) أي المحبين للمساجد بالذكر والتلاوة والاعتكاف ونحو ذلك من صنوف العبادات وزعم أن المراد بعمارتها بناؤها أو إصلاحها أو ترميماً سبق ما ينازع فيه (هم أهل اللّه) أي خاصته وأحباؤه من خلقه الداخلين في حزبه {ألا إن حزب اللّه هم المفلحون} قال سيبويه: أهل الرجل هم الذين يؤول أمرهم إلى المضاف إليه. - (عبد بن حميد ع طس هق) كلهم (عن أنس) بن مالك قال الزين العراقي في شرح الترمذي بعد عزوه لأبي يعلى والبزار والطبراني فيه صالح بن بشير المري ضعيف في الحديث وهو رجل صالح وقال الهيثمي فيه صالح المري وهو ضعيف وأقول فيه عند البيهقي هاشم بن القاسم أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن عروبة كبر وتغير. 2301 - (إن عم الرجل صنو أبيه) أي أصله وأصله شيء واحد والصنو بكسر فسكون واجد الصنوين وهو نخلتان في أصل واحد وقيل الصنو المثل فاستعمل لفظ الصنو دون المثل رعاية للأدب وكيفما كان استعمال الصنو في العم من قبيل المجاز قال الزمخشري: من المجاز هو شقيقه وصنوه، قال: أتتركني وأنت أخي وصنوي * فيا للناس للأمر العجيب وركبتان صنوان متقاربتان وتصغيره صني. - (طب عن ابن مسعود) عبد اللّه وفي الباب عن عدة من الصحابة. 2302 - (إن غلاء أسعاركم) أي ارتفاع أثمان أقواتكم (ورخصها بيد اللّه) أي بإرادته وتصريفه يفعل ما يشاء من غلا ورخص وتوسيع وتقتير وخصب وجدب لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه فلا أسعر ولا آمر بالتسعير بل أنهى عنه (إني لأرجو) أي أؤمل (أن ألقى اللّه) إذا توفاني (وليس لأحد منكم) أيها الأمة (قبلي) بكسر ففتح وزان عنب (مظلمة) بفتح الميم وكسر اللام (في مال ولا دم) وفي التسعير ظلم لرب المال لأنه تحجير عليه في ملكه فهو حرام في كل زمن فلا أفعله وهذا مذهب الشافعي ومع ذلك إن وقع من الإمام عذر مخالفه للافتيات قال في الصحاح وغيره والمظلمة بفتح اللام ما تطلبه عند الظالم وهي اسم ما أخذ منك. - (طب عن أنس) بن مالك. 2303 - (إن غلظ جلد الكافر) أي ذرع ثخانته (اثنتين وأربعين ذراعاً بذراع الجبار) قيل هو اسم ملك من الملائكة قال الإمام الرازي وغيره ربما أضيف الشيء إلى اللّه تعالى والمراد إضافته إلى بعض خواص عباده لأن الملك ينسب إليه ما يفعله خواصه على معنى التشريف لهم والتنويه بقدرهم (وإن ضرسه مثل أحد) أي مثل مقدار جبل أحد (وإن مجلسه) موضع مقعده (من جهنم) أي فيها (ما بين مكة والمدينة) أي مقدار ما بينهما من المسافة وسبق أن هذا مما تجول فيه الأفهام وأنه يجب علينا التسليم واعتقاد ما قاله الشارع وإن لم تدركه عقولنا القاصرة وليست أحوال الدنيا [ص 461] كأحوال الآخرة. - (ت) في صفة جهنم (ك) في الأهوال (عن أبي هريرة) وقال الترمذي حسن صحيح غريب وقال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي. 2304 - (إن فضل عائشة) بنت الصديق الصديقة (على النساء) أي على نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذين في زمنها ومن أطلق نساءه ورد عليه خديجة وهي أفضل من عائشة رضي اللّه عنها على الصواب لتصريح المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأنه لم يرزق خيراً من خديجة ولخبر ابن أبي شيبة فاطمة سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم وآسية وخديجة فإذا فضلت فاطمة فعائشة أولى ومن قول بنساء زمنها ورد عليه فاطمة وفي شأنها قال أبوها ما سمعت وقد قال جمع من السلف والخلف لا نعدل ببضعة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحداً قال البعض وبه يعلم أن بقية أولاده كفاطمة رضي اللّه عنها (كفضل الثريد) بفتح المثلثة أن يثرد الخبز بمرق اللحم وقد يكون معه لحم (على سائر الطعام) من جنسه بلا ثريد لما في الثريد من نفعه وسهولة مساغه وتيسر تناوله وبلوغ الكفاية منه بسرعة واللذة والقوة وقلة المؤونة في المضغ فشبهت به لما أعطيت من حسن الخلق وعذوبة المنطق وجودة الذهن ورزانة الرأي ورصانة العقل والتحبب إلى البعل وغير ذلك. - (حم ق ت ن ه عن أنس) بن مالك (ن عن أبي موسى) الأشعري (عن عائشة) أم المؤمنين. 2305 - (إن فقراء المهاجرين) الذين هاجروا من أرض الكفر إلى غيرها فراراً بدينهم (يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة) أي إلى دخولها لعدم فضول الأموال التي يحاسبون على مخارجها ومصارفها (بأربعين خريفاً) أي سنة وهذا لا تعارض بينه وبين قوله في الخبر الآتي خمس مئة سنة لاختلاف مدة السبق باختلاف أحوال الفقراء والأغنياء فمنهم سابق بأربعين ومنهم بخمس مئة كما يتفاوت مكث عصاة الموحدين في النار باختلاف جرائمهم وهذا كما ترى أعم، واقعد من فرق البعض بأن الفقير الحريص يتقدم على الغني بأربعين سنة والزاهد بخمس مئة سنة أو أراد بالأربعين التكثير لا التحديد وأن خبر الخمس مئة متأخر ويكون الشارع زاد في زمن سبق الدخول ترغيباً في الصبر على الفقر، لكن ينبغي أن تعلم أن سبق الدخول لا يستلزم رفع المنزلة فقد يكون بعض المتأخرين أرفع درجة من السابقين يرشد إليه أن ممن يحاسب أفضل من السبعين ألفاً الداخلين بغير حساب فالمزية مزيتان مزية سبق ومزية رفعة وقد يجتمعان وينفردان ويحصل لواحد السبق والرفعة ويعدمها آخر ويحصل لآخر واحد فقط بحسب المقتضي. - (م) في الزهد من حديث عبد الرحمن (عن ابن عمرو) بن العاص قال الجيلي: جاء ثلاثة نفر إلى ابن عمرو فقالوا له واللّه ما نقدر على شيء لا نفقة ولا دابة ولا متاع فقال لكم ما شئتم إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر اللّه وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان وإن شئتم صبرتم فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم يقول فذكره. 2306 - (إن فقراء المهاجرين) في رواية فقراء المؤمنين وهي أعم (يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بمقدار خمس مئة سنة) ويدخل فقراء كل قرن قبل أغنيائهم بالقدر المذكور ذكره القرطبي ثم الأغنياء إن أحسنوا في فضول أموالهم كانوا بعد الدخول أرفع درجة من كثير من الفقراء كما تقرر والمراد في هذا وما قبله من لا فضل له عما وجب عليه من نفقته ونفقة ممونه على الوجه اللائق وإن لم يكن من أهل الزكاة ولا الفيء ذكره ابن تيمية وغيره (تتمة) أخرج العسكري عن [ص 462] نصر بن جرير أن أبا حنيفة رضي اللّه عنه سئل عن حديث يدخل فقراء أمتي الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم فقال المراد الأغنياء من غير هذه الأمة لأن في أغنياء هذه الأمة مثل عثمان بن عفان والزبير وابن عوف رضي اللّه عنهم قال نصر فذكرته لعبد الواحد بن زيد فقال لا يسأل أبو حنيفة عن هذا إنما يسأل عن المدبر والمكاتب ونحوه. - (ه عن أبي سعيد) الخدري. 2307 - (إن فناء أمتي) قال في الصحاح فنى الشيء بالكسر فناء وتفانوا أفنى بعضهم بعضاً في الحروب (بعضها ببعض) أي أن اهلاكهم بقتل بعضهم بعضاً في الحروب بينهم فإن نبيهم سأل اللّه أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم. - (قط في) كتاب (الأفراد عن رجل) من الصحابة وإبهامه غير قادح لأن الصحب كلهم عدول قال ابن حجر رحمه اللّه في تخريج الهداية إبهام الصحابي لا يصير الحديث مرسلاً. 2308 - (إن فلاناً أهدى إليّ ناقة) فعل ماض من الهدية (فعوضته منها) أي عنها (ست بكرات) جمع بكرة بفتح فسكون والبكر من الإبل بمنزلة الفتى من الناس والبكرة بمنزلة الفتاة (فظل ساخطاً) أي غضباناً كارهاً لذلك التعويض طالباً الأكثر منه قال في الصحاح: سخط غضب وفي الصحاح عطاء سخوط أي مكروه (لقد هممت) أي أردت وعزمت قال في الصحاح هم بالشيء أراده (أن لا أقبل هدية) من أحد (إلا من قريشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي) لأنهم لمكارم أخلاقهم وشرف نفوسهم وإشراق النور على قلوبهم دقت الدنيا في أعينهم فلا تطمح نفوسهم إلى ما ينظر إليه السفلة والرعاع من المكافاة على الهدية واستكثار العوض وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أكرم الخلق ويعطي عطاء من لا يخاف الفقر ولا يستكثر مكافأة ذلك الإنسان بستين فضلاً عن ستة لكنه رأى غيره في ذلك الوقت أحوج وبالتضعيف لذلك حتى يرضى يفوت حق غيره. - (حم ت) في آخر الجامع (عن أبي هريرة) قال خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم فحمد اللّه وأثنى عليه ثم ذكره ورواه أبو داود مختصراً. 2309 - (إن فاطمة) بنت النبي صلى اللّه عليه وسلم (أحصنت) في رواية حصنت بغير ألف (فرجها) صانته عن كل محرم من زنا وسحاق ونحو ذلك (فحرمها) أي بسبب ذلك الإحصان حرمها (اللّه وذريتها على النار) أي حرم دخول النار عليهم فأما هي وابناها فالمراد في حقهم التحريم المطلق وأما من عداهم فالمحرم عليهم نار الخلود وأما الدخول فلا مانع من وقوعه للبعض للتطهير هكذا فافهم وقد ذكر أهل السير أن زيد بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق رضي اللّه عنهم خرج على المأمون فظفر به فبعث به لأخيه علي الرضى فوبخه الرضى وقال له يا زيد ما أنت قائل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سفكت الدماء وأخفت السبل وأخذت المال من غير حله غرك أنه قال إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها اللّه وذريتها على النار إن هذا لمن خرج من بطنها كالحسن والحسين لا لي ولا لك واللّه ما نالوا ذلك إلا بطاعة اللّه تعالى فإن أردت أن تنال بمعصية اللّه ما نالوه بطاعته إنك إذن لأكرم على اللّه منهم وروى أبو نعيم والخطيب بسندهما لمحمد بن مرثد كنت ببغداد فقال محمد بن مرثد هل لك أن أدخلك على عليّ الرضى فأدخلني فسلمنا وجلسنا فقال له حديث إن فاطمة أحصنت فرجها إلخ قال خاص للحسن والحسين. <تنبيه> قال ابن حجر: يدل لتفضيل بناته على زوجاته خبر أبي يعلى عن عمر مرفوعاً تزوج حفصة خير من عثمان وتزوج عثمان [ص 463] خيراً من حفصة. - (البزار) في مسنده عن محمد بن عقبة السدوسي عن معاوية بن هشام عن عمرو بن غياث عن عاصم عن ذر عن ابن مسعود ثم قال أعني البزار لا نعلم من رواه هكذا إلا عمرو ولم يتابع عليه وقال العقيلي في الحديث نظر وقال ابن الجوزي موضوع مداره على عمرو بن غياث وقد ضعفه الدارقطني وكان من شيوخ الشيعة (ع طب ك) في فضائل أهل البيت (عن ابن مسعود) قال الحاكم صحيح وقال الذهبي لا بل ضعيف تفرد به معاوية وفيه ضعف عمرو بن غياث وهو واه بمرة اهـ لكن له شواهد منها خبر البزار والطبراني أيضاً إن فاطمة حصنت فرجها وإن اللّه أدخلها بإحصان فرجها وذريتها الجنة قال الهيثمي فيه عمرو بن غياث ضعيف. 2310 - (إن فسطاط المسلمين) بضم الفاء أصله الخيمة والمراد حصنهم من الفتن (يوم الملحمة) أي الوقعة العظيمة في الفتنة كما في الصحاح (بالغوطة) بالضم وهي كما في الصحاح موضع بالشام كثير الماء والشجر وهي غوطة دمشق ولهذا قال (إلى جانب مدينة يقال لها دمشق) بكسر ففتح وهي قصبة الشام كما في الصحاح سميت باسم دماشاق بن نمروذ بن كنعان (من خير مدائن الشام) أي هي من خيرها بل هي خيرها ولا يقدح فيه من لأن بعض الأفضل قد يكون أفضل بدليل خبر عائشة رضي اللّه تعالى عنها كان أي النبي صلى اللّه عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً مع كونه أحسنهم قال ابن عساكر دخلها عشرة آلاف عين رأت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. - (د) في الملاحم (عن أبي الدرداء) وروي من طرق أخرى. 2311 - (إن في الجمعة) أي في يومها (لساعة) أبهمها كـليلة القدر والاسم الأعظم حتى تتوافر الدواعي على مراقبة ساعات ذلك اليوم وفي خبر يجيء إن لربكم في أيام دهركم لنفحات فتعرضوا لها ويوم الجمعة من تلك الأيام فينبغي التعرض لها في جميع نهاره بحضور القلب ولزوم الذكر والدعاء والنزوع عن وسواس الدنيا فعساه يحظى بشيء من تلك النفحات والأصح أن هذه الساعة لم ترفع وأنها باقية وأنها في كل جمعة لا في جمعة واحدة من السنة خلافاً لبعض السلف وجاء تعيينها في أخبار ورجح النووي منها خبر مسلم أنها ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة ورجح كثيرون منهم أحمد وحكاه الزملكاني عن نص الشافعي أنها في آخر ساعة في يوم الجمعة وأطيل في الاتنصار له ووراء ذلك أربعون قولاً أضربنا عن حكايتها لقول بعض المحققين ما عدا القولين موافق لهما أو لأحدهما أو ضعيف الإسناد أو موقوفاً استند قائله إلى اجتهاد لا توقيف وحقيقة الساعة المذكورة جزء مخصوص من الزمن وتطلق على جزء من اثني عشر جزءاً من مجموع النهار أو على جزء ما غير مقدر منه أو على الوقت الحاضر وفي خبر مرفوع لأبي داود ما يصرح بالمراد وهو يوم الجمعة اثنتي عشرة ساعة إلخ (لا يوافقها) أي يصادفها (عبد مسلم) يعني انسان مؤمن عبد أو أمة حر أو قن قال الطيبي: وقوله لا يوافقها صفة لساعة أي لساعة من شأنها أن يترقب لها وتغتنم الفرصة لإدراكها لأنها من نفحات رب رؤوف رحيم وهي كالبرق الخاطف فمن وافقها أي تعرض لها واستغرق أوقاته مترقباً للمعانها فوافقها قضى وطره منها، قال الشاعر: فأنالني كل المنى بزيارة * كانت مخالسة كخطفة طائر فلو استطعت إذن خلعت علي الدجا * فلطول ليلتنا سواد الناظر (وهو قائم) جملة اسمية حالية (يصلي) جملة فعلية حالية (فيسأل) حال ثالثة (اللّه تعالى) فيها (خيراً) من خيور [ص 464] الدنيا والآخرة وفي رواية للبخاري شيئاً أي مما يليق أن يدعو به المؤمن ويسأل فيه ربه تعالى وذكر قائم غالبي فالقاعد والمضطجع كذلك (إلا أعطاه إياه) تمامه عند البخاري وأشار النبي صلى اللّه عليه وسلم بيده يقللّها وفيه تغليب الصلاة على ما قبلها وهي الخطبة بناء على القول الأول وأما على الثاني فمعنى يصلي يدعو ومعنى قائم ملازم ومواظب كقوله تعالى {ما دمت عليه قائماً} واستشكل حصول الإجابة لكل داع مع اختلاف الزمن باختلاف البلاد والمصلي وساعة الإجابة معلقة بالوقت فكيف يتفق مع الإختلاف وأجيب باحتمال كونها متعلقة بفعل كل مصل. - (مالك) في الموطأ (حم م ن ه عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو وهم فقد رواه البخاري عن أبي هريرة أيضاً مع تغيير لفظي يسير وذلك لا يقدح ولهذا قال الحافظ العراقي في المغني هو متفق عليه. 2312 - (إن في الجنة باباً) لم يقل للجنة إشعاراً بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة فيكون أبلغ في التشويق إليه (يقال له الريان) بفتح الراء وشدة المثناة التحتية فعلان من الري وهو باب يسقى منه الصائم شراباً طهوراً قبل وصوله إلى وسط الجنة ليذهب عطشه وفيه مزيد مناسبة وكمال علاقة بالصوم واكتفى بالري عن الشبع لدلالته عليه أو لأنه أشق على الصائم من الجوع (يدخل منه) إلى الجنة (الصائمون يوم القيامة) يعني الذين يكثرون الصوم لتتكسر نفوسهم لما تحملوا مشقة الظمأ في صومهم خصوا بباب في الري والأمان من الظمأ قبل تمكنهم ومن ثم كان مختصاً بهم (لا يدخل منه أحد غيرهم) كرر نفي دخول غيرهم تأكيداً (يقال) أي يوم القيامة في الموقف والقائل الملائكة أو من أمره اللّه من خلقه (أين الصائمون) المكثرون للصيام (فيقومون) فيقال لهم ادخلوا الجنة (فيدخلون منه فإذا دخلوا) منه أي دخل آخرهم (أغلق) بالبناء للمفعول (فلم يدخل منه) بعد ذلك أحد أي لم يدخل منه غير من دخل ولا يناقضه أن المتشهد عقب الوضوء تفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء لجواز أن يصرف اللّه مشيئة ذلك المتشهد عن دخول باب الريان إن لم يكن من مكثري الصوم ذكره البعض وذكر أن المراد بالصائمين أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم سموا به لصيامهم رمضان فمعناه لا يدخل من الريان إلا هذه الأمة بعيد متكلف . <فائدة> ذكر الطالقاني في حظائر القدس لرمضان ستين اسماً. - (حم ق) في صفة الجنة (عن سهل بن سعد) الساعدي. 2313 - (إن في الجنة لعمداً) بضمتين وبفتحتين جمع عمود وهو معروف والعماد الأبنية الرفيعة وما يسند به (من ياقوت) أحمر وأبيض وأصفر (عليها غرف) جمع غرفة بالضم وهي كما في الصحاح العلية (من زبرجد) كسفرجل جوهر معروف (لها أبواب مفتحة تضيء) يعني تلك الغرف ومن أرجعه للأبواب فقد أبعد وإن كان أقرب (كما يضيء الكوكب الدري) قالوا يا رسول اللّه من يسكنها قال (يسكنها المتحابون في اللّه والمتجالسون في اللّه) لنحو ذكر أو قراءة أو علم أو غيرها (والمتلاقون في اللّه) أي المتعاونون على أمر اللّه فأعظم بمحبة اللّه من خصلة من ثمراتها استحقاق السكنى بهاتيك المساكن. - (ابن ابي الدنيا) أبو بكر (في كتاب) فضل زيارة (الإخوان هب عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً البزار وضعفه المنذري وذلك لأن فيه يوسف بن يعقوب القاضي وأورده الذهبي في الضعفاء وقال مجهول وحميد بن الأسود وأورده فيهم وقال كان عفان يحمل عليه ومحمد بن أبي حميد وضعفوه وحينئذ فتعصيب الهيثمي الجناية [ص 465] برأس الأخير حدوه ليس على ما ينبغي. 2314 - (إن في الجنة غرفاً يرى) بالبناء للمفعول أي يرى أهل الجنة (ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها) لكونها شفافة لا تحجب ما وراءها قالوا لمن هي يا رسول اللّه قال (أعدها اللّه تعالى) أي هيأها (لمن أطعم الطعام) في الدنيا للعيال والفقراء والأضياف والإخوان ونحوهم (وألان الكلام) أي تملق للناس واستعطفهم قال في الصحاح اللين ضد الخشونة وقد لان الشيء ليناً وألينه صيره ليناً وقد ألانه أيضاً على النقصان والتمام وتلين تملق انتهى وحقيقة اللين كما قاله ابن سيناء كيفية تقتضي قبول الغمز إلى الباطن ويكون للشيء بها قوام غير سيال فينتقل عن وضعه ولا يمتد كثيراً ولا يتفرق بسهولة وضده الصلابة قال الطيبي: جعل جزاء من تلطف في الكلام الغرفة كما في قوله تعالى {أولئك يجزون الغرفة} {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً} الآية. وفيه إيذان بأن لين الكلام من صفات الصالحين الذين خضعوا لبارئهم وعاملوا الخلق بالرفق في الفعل والقول ولذا جعلت جزاء من أطعم الطعام كما في قوله تعالى {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} فدل على أن الجواد شأنه توخي القصد في الإطعام والبذل ليكون من عباد الرحمن وإلا كان من إخوان الشيطان (وتابع الصيام) قال ابن العربي: عنى به الصيام المعروف كرمضان والأيام المشهود لها بالفضل على الوجه المشروع مع بقاء القوة دون استيفاء الزمان كله والاستيفاء القوة بأسرها وإنما يكسر الشهوة مع بقاء القوة وقال الصوفية الصيام هنا الإمساك عن كل مكروه فيمسك قلبه عن اعتقاد الباطل ولسانه عن القول الفاسد ويده عن الفعل المذموم وفي رواية وواصل الصيام- ويكفي في متابعة الصيام مثل حال أبي هريرة وابن عمر وغيرهما من صوم ثلاثة أيام من كل شهر أوله ومثلها من أوسطه وآخره والإثنين والخميس وعشر ذي الحجة ونحو ذلك- وفي أخرى وأفشى السلام (وصلى بالليل) أي تهجد فيه (والناس نيام) وهذا ثناء على صلاة الليل وعظم فضلها عند اللّه تعالى وجعل الغرفة جزاء من صلى بالليل كما في قوله تعالى {والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً} فأومأ به إلى أن المتهجد ينبغي أن يتحرى في قيامه الإخلاص ويجتنب الرياء لأن البيتوتة للرب لم تشرع إلا لإخلاص العمل للّه ولم يذكر الصيام في التنزيل استغناء بقوله {بما صبروا} لأن الصيام صبر كله هذا ما قرره شارحون لكن في رواية البيهقي قيل يا رسول اللّه وما إطعام الطعام قال من قات عياله قيل وما وصال الصيام قال من صام رمضان ثم أدرك رمضان فصامه قيل وما إفشاء السلام قال مصافحة أخيك قيل وما الصلاة والناس نيام قال صلاة العشاء الآخرة اهـ. وهو وإن ضعفه ابن عدي لكن أقام له شواهد يعتضد بها ومع ملاحظته لا يمكن التفسير بغيره. - (حم حب هب عن أبي مالك الأشعري) قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح غير عبد اللّه بن معانق وثقه ابن حبان (ت عن علي) أمير المؤمنين رضي اللّه عنه قال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وقد تكلم فيه من قبل حفظه اهـ. ولهذا جزم الحافظ العراقي بضعف سنده وكثيراً ما يقع للمصنف عزو الحديث لمخرجه ويكون مخرجه قد عقبه بما يقدح في سنده فيحذف المصنف ذلك ويقتصر على عزوه له وذلك من سوء التصرف. 2315 - (إن في الجنة مئة درجة) أي درجات كثيرة جداً ومنازل عالية شامخة فالمراد بالمئة التكثير لا التحديد فلا [ص 466] تدافع بينه وبين خبر إنّ عدد آي القرآن على قدر درج الجنة وقيل الحصر في المئة للدرج الكبار المتضمنة للصغار والدرجة المرقاة (لو أن العالمين) بفتح اللام أي جميع المخلوقات (اجتمعوا) جميعاً (في إحداهنّ لوسعتهم) جميعهم لسعتها المفرطة التي لا يعلم كنه مقدارها إلا الذي كونها والقصد بين عظم الجنة- واللّه تعالى يقول {عرضها السماوات والأرض} و {كعرض السماء والأرض} وإذا كان هذا عرضها فما بالك بالطول -وأنّ أهلها لا يتنافسون في مساكنها ولا يتزاحمون في أماكنها كما هو واقع لهم في الدنيا. - (ت عن أبي سعيد) قال الترمذي حسن صحيح. 2316 - (إن في الجنة بحر الماء) غير آسن (وبحر العسل) أي المصفى (وبحر اللبن) أي الذي لم يتغير طعمه (وبحر الخمر) الذي هو لذة للشاربين (ثم تشقق الأنهار بعد) قال الطيبي رحمه اللّه تعالى: يريد بالبحر مثل دجلة والفرات ونحوهما وبالنهر مثل نهر معفل حيث تشقق منها جداول وخص هذه الأنهار بالذكر لكونها أفضل أشربة النوع الإنساني فالماء لريهم وطهورهم والعسل لشفائهم ونفعهم واللبن لقوتهم وغذائهم والخمر للذتهم وسرورهم وقدم الماء لأنه حياة النفوس وثنى بالعسل لأنه شفاء للناس وثلث باللبن لأنه الفطرة وختم بالخمر إشارة إلى أن من حرمه في الدنيا لا يحرمه في الآخرة. - (حم ت عن معاوية بن حيدة) بفتح الحاء المهملة بن معاوية بن كعب القشيري صحابي نزل البصرة. 2317 - (إن في الجنة لمراغاً من مسك) أي محلاً منبسطاً مملوءاً منه مثل المحل المملوء من التراب المعد لتمرغ الدواب أي تمعكهم وتقلبهم فيه في الدنيا فلهذا قال (مثل مراغ دوابكم في الدنيا) في سعته وتكثره وسهولة وجدانه لكل أحد وإنما شبهه به لأن الإنسان بالمألوف آنس وبالمعهود أميل فليس في الجنة شيء يشبهه ما في الدنيا كما يجيء في خبر- أي فيتمرغ فيه أهلها كما تتمرغ الدواب في التراب واحتمال أن المراد أن الدواب التي تدخل الجنة تتمرغ فيه بعيد وفي النهاية في الجنة مراغ المسك أي الموضع الذي يتمرغون فيه من ترابها والتمرغ التقلب في التراب وظاهر أن ذلك من باب ظهور الشرف وكمال المقابلة وإن كانت دوابهم غير محتاجة لذلك لأن التمرغ لإزالة التعب عنها وهي ليس عليها تعب لكن ربما يقال إن ذلك لنحو دواب الجهاد التي تدخل الجنة مجازاة لأصحابها من باب تتميم اللذة لهم فإن أعمالهم تكون بين أيديهم تسرهم رؤيتها ومنها تلك الدواب أي لكونهم جاهدوا عليها وأشار إليه بعض من تكلم على دواب الجنة وقد ثبت دخول بعض الدواب الدنيوية الجنة انتهى- قال في الصحاح: مرغه في التراب تمريغاً أي معكه فتمعك والموضع متمرغ ومراغ ومراغة وقال الزمخشري: مرغته تمريغاً إذا أشبعت رأسه وجسده دهناً ومن المجاز فلان يتمرغ في النعيم يتقلب فيه. - (طب) وكذا الأوسط (عن سهل بن سعد) قال المنذري إسناده جيد وقال الحافظ الهيثمي رجالهما ثقات. 2318 - (إن في الجنة لشجرة) قيل هي شجرة طوبى ويحتاج لتوقيف والشجر من النبات ما قام على ساق أو ما سما بنفسه دق أو جل قاوم الشتاء أو عجز عنه ذكره في القاموس فشمل شجر البلح وغيره (يسير الراكب) الفرس [ص 467] (الجواد- الجواد بالنصب على أنه مفعول الراكب أو بالجر بالإضافة أي الفائق الجيد-) بالتخفيف أي الفائق أو السابق الجيد وفي رواية المجود الذي يجود ركض الفرس (المضمر- المضمر هو أن يعلف حتى يسمن ويقوى على الجري ثم يقلل العلف بقدر القوت ويدخل بيتاً ويغشى بالحلال حتى يحمى فيعرق فإذا جف عرقه قل لحمه وقوي على الجري-) بضاد معجمة مفتوحة وميم مشددة أي الذي قلل علفه تدريجاً ليشتد جريه قال الزركشي هو بنصب الجواد وفتح الميم الثانية من المضمر ونصب الراء نعت لمفعول الراكب وضبطه الأصيلي بضم المضمر والجواد صفة للراكب فيكون على هذا بكسر الميم الثانية وقد يكون على البدل (في ظلها -وقيل معنى ظلها ناحيتها وأشار بذلك إلى امتدادها-) أي راحتها ونعيمها إذ الجنة لا شمس فيها ولا أذى (مئة عام) في رواية سبعين -ولا تعارض لأن المراد التكثير لا التحديد أو أن بعض أغصانها سبعين وبعضها مئة- (ما يقطعها) زاد أحمد وهي شجرة الخلد والجملة حال من فاعل يسير يعني لا يقطع الراكب المواضع التي تسترها أغصان الشجرة وفي ذكر كبر الشجرة رمز إلى كبر الثمرة ومن ثم ورد أن نبقها كقلال هجر وذا أبين لفضل المؤمن وأجلب لمسرته فحين أبصر شجر الرمان مثلاً في الدنيا وحجم ثمرها وأن قدر الكبرى من الشجر لا يبلغ مساحتها عشرة أذرع وثمرها لا يفضل على أصغر بطيخة ثم أبصر شجرة في ذلك القدر وثمرة منها تشيع أهل دار كان أفرط لابتهاجه واغتباطه وأزيد لاستعجابه واستغرابه وأبين لكنه النعمة وأظهر للمزية من أن يفجأ ذلك الشجر والثمر على ما سلف له به عهد وتقدم له ألف فإبصاره لها على ذلك الحجم دليل على تمام الفضل وتناهي الأمر وأن ذلك التفاوت العظيم هو الذي يستوجب تعجبهم ويستدعي تحجبهم في كل أوان فسبحان الحكيم المنان، واستشكل هذا الحديث بأن من أين هذا الظل والشمس قد كورت وما في الجنة شمس؟ وأجاب السبكي بأنه لا يلزم من تكوير الشمس عدم الظل وإنما الناس ألفوا أن الظل ما تنسخه الشمس وليس كذلك بل الظل مخلوق للّه تعالى وليس بعدم بل هو أمر وجودي له نفع في الأبدان وغيرها. - (حم ح ت عن أنس) بن مالك (ق عن سهل) بن سعد (حم ق ت عن أبي سعيد) الخدري (ق ت ه عن أبي هريرة). 2319 - (إن في الجنة ما لا عين رأت) في دار الدنيا (ولا أذن سمعت) فيها (ولا خطر على قلب أحد) -أي لم يدخل تحت علم أحد، كنى بذلك عن عظيم نعيمها القاصر عن كنه علمنا الآن وسيظهر لنا بعد إن شاء اللّه- {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين} أخفوا ذكره عن الأغيار والرسوم فأخفى ثوابهم عن المعارف والفهوم وقد أشهد اللّه عباده في هذه الدار آثاراً من آثارها وأنموذجاً منها من الروائح الطيبة واللذة والمناظر البهية والمناكح الشهية وفي خبر أبي نعيم يقول اللّه للجنة طيبي أهلك فتزداد طيباً فذلك البرد الذي يجده الناس في السحر من ذلك كما جعل سبحانه وتعالى نار الدنيا وغمومها وأحزانها وآلامها مذكرة بنار الآخرة وأخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أن شدة الحر والبرد من أنفاس جهنم فلا بد أن يشهد عباده أنفاس جنته وما نذكرهم بها. <تنبيه> استشكل هذا الحديث بما في حديث أبي داود وغيره أنه تعالى لما خلق الجنة أرسل جبريل عليه السلام إليها فقال انظر إليها وإلى ما أعددت إلى أهلها فيها الحديث فقد رأته عين وأجيب بما منه أن المراد من نظر جبريل عليه السلام لما أعده اللّه لأهلها فيها ما أعده لعامتهم فلا يمتنع أنه يعد فيها لبعضهم ما لم ينظر إليه جبريل عليه السلام وبأن المراد عين البشر لا الملائكة وسيجيء بسطه. - (طب) وكذا البزار (عن سهل بن سعد) قال الهيثمي بعد ما عزاه لهما رجال البزار رجال الصحيح اهـ وقضيته أن رجال الطبراني ليسوا منهم فلو عزاه المصنف للبزار كان أجود. [ص 468] 2320 - (إن في الجنة لسوقاً) يذكر ويؤنث والتأنيث أفصح والمراد به هنا مجتمع يجتمع فيه أهل الجنة وقد حفته الملائكة بما لا يخطر بقلب بشر يأخذون مما يشتهون بلا شراء وهو أنواع الالتذاذ كما قال (ما فيها شراء ولا بيع إلا الصور من الرجال والنساء فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها) -قال ابن حجر قوله دخل فيها: الذي يظهر لي أن المراد به أن الصورة تتغير فتصير شبيهة بتلك الصورة لا أنه يدخل فيها حقيقة والمراد بالصورة الشكل والهيئة- أراد بالصورة الشكل والهيئة أي تتغير أوصافه بأوصاف شبيهة بتلك الصورة فالدخول مجاز عن ذلك وأراد به التزيين بالمحل والحلل وعليها فالمتغير الصفة لا الذات ذكره الطيبي وقال القاضي له معنيان أحدهما أنه أراد بالصورة الهيئة التي يختار الإنسان أن يكون عليها من التزيين، الثاني أنه أراد الصورة التي تكون للشخص في نفسه من الصور المستحسنة فإذا اشتهى صورة منها صوّره اللّه بها وبدلها بصورته فتتغير الهيئة والذات قال وظاهره يستدعي أن الصور تباع وتشترى في ذلك السوق لأن تقدير الكلام إلا بيع الصور وشراءها وإلا لما صح الاستثناء فلا بد لها من عوض تشترى به وهو الإيمان والعمل الصالح على ما دل عليه نص الكتاب والسنة الدالة على تفاوت الهيئات والحلي في الآخرة بحسب الأعمال فجعل اختيار العبد لما يوجب صورة من الصور التي تكون لأهل الجنة اختيار لها واتيانه بها ابتياعاً له وجعله كالمتملك لها المتمكن منها متى شاء ونوزع فيه بما لا يجدي . <فائدة> قال ابن عربي: حدثني أوحد الدين الكرماني قال كنت أخدم شيخاً وأنا شاب فمرض بالبطن وكان في مغارة فلما وصلنا تكريت قلت يا سيدي اتركني أطلب لك دواء من صاحب المارستان فلما رأى احتراقي قال اذهب إليه فذهبت إليه فإذا هو قاعد في الخيمة ورجال قائمون بين يديه ولا يعرفني فرآني واقفاً بين يديه مع الناس فقام إليّ وأخذ بيدي وأكرمني وأعطاني الدواء وخرج معي في خدمتي فجئت الشيخ وأعطيته الدواء وذكرت له كرامة أمير المارستان فقال لي يا ولدي إني أشفقت عليك لما رأيت من احتراقك من أجلي فأذنت لك ثم خفت أن يخجلك الأمير بعدم إقباله عليك فتجردت من هيكلي ودخلت في هيكل ذلك الأمير وقعدت في محله فلما جئت أكرمتك وفعلت معك ما رأيت ثم عدت إلى هيكلي هذا ولا حاجة لي في هذا الدواء. - (ت) في صفة الجنة (عن علي) أمير المؤمنين وقال غريب انتهى وضعفه المنذري وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن إسحاق قال الذهبي ضعفوه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ودندن عليه ابن حجر ثم قال وفي القلب منه شيء والمصنف بما محصوله أن له شواهد. 2321 - (إن في الجنة داراً) أي عظيمة جداً في النفاسة فالتنكير للتعظيم (يقال لها دار الفرح) أي تسمى بذلك بين أهلها (لا يدخلها) من المؤمنين أي دخول سكنى بها كما يقتضيه الترغيب (إلا من فرح) بالتشديد (الصبيان) يعني الأطفال ذكوراً أو إناثاً فليس المراد الذكور فحسب وتفريحهم مثل أن يطرفهم بشيء من الباكورة ويزينهم في المواسم ويأتي إليهم بما يستعذب ويستغرب فيه شمول لصبيانه وصبيان غيره لكن أبدأ بمن تعول.
|